والد إحدى الطالبات وإدارة المدرسة يروون المأساة
غزة- محمد أبو قمر
تلقت "الرسالة" اتصالا من إدارة إحدى المدارس الابتدائية للإناث تؤكد أن التقرير الذي نشر العدد الماضي والذي يتحدث عن استدراج شاب لثماني عشرة طفلة وسرقة حليهن والتحرش بهن جنسيا يطابق ما تعرضت له طالبة في الصف الثاني الأساسي .
مراسل "الرسالة" توجه إلى المدرسة والتقى بإدارتها حيث سردت مديرة المدرسة تفاصيل حادثة السرقة التي تعرضت لها الطالبة ، وذلك بعد أن رفض ولي أمر الطالبة أن تتحدث ابنته عن الحادثة من جديد خوفا من أن تسوء حالتها النفسية بعد معاناتها التي امتدت لأيام عقب وقوع الحادث .
خلال الاستراحة المدرسية في إحدى الأيام من شهر أكتوبر الماضي أسرعت الطالبة باتجاه المقصف القريب من بوابة المدرسة الخلفية ، وما أن همت بخروجه لشراء حاجاتها التفتت لصوت شاب يشير إليها وبادر بالنداء " تعالي يا شاطرة خذي الجوال أعطيه لزوجتي المدرسة عندكم " .
بخطوات مترددة تقدمت الطالبة تجاه الشاب ، الذي كان يلتفت من حوله بنظرات سريعة خوفا من اكتشاف أمره ، وعندما اقتربت منه الطالبة بدأ باستدراجها حيث ادعى أن الجوال داخل السيارة وسيذهب بصحبتها لجلبه .
أمسك الشاب بيد الطفلة وأسرع بالمسير إلى أن ابتعد عن المدرسة خشية أن يكشف أمره قبل مغادرة المكان .
استدرج الشاب الفتاة لسيارته التي كان قد أوقفها في مكان بعيد عن المدرسة وطلب منها الصعود إليها ، ولم تشفع لها نظراتها البريئة الحائرة لتركها تعود إلى مقعد دراستها.
أدار المجرم محرك سيارته وانطلق إلى المكان الذي اختاره لسرقة فريسته الجديدة التي لم تتجاوز السبعة أعوام ، وانطلق مسرعا قبل أن يوقفها أمام إحدى العمارات السكنية وطلب من الطالبة النزول .
عاد الشاب ليمسك بيدها وتقدم بخطى حذرة تجاه المصعد الذي كان يملك مفتاحا له ، مما يؤكد أنه كان قد اختار المكان بعناية ليكون بعيدا عن الشبهات قبل أن يقوم باستدراج الطفلة .
صعد الشاب بالطفلة إلى سطح العمارة ومد يده إلى آذانها وخلع قرطها " حلقها " بينما كانت الدموع تنهمر من عيون الطفلة التي لا تقوى على فعل شيء لمواجهة حيوان مفترس على هيئة البشر .
بعد أن مارس الشاب جريمته بسرقة الطفلة نزل بها إلى الشارع ، وادعى لبعض الفتية أنها تائهة عن مدرستها وطلب منهم إعادتها إليها .
عادت الطفلة لمدرستها والدموع تملأ عيونها بعد أن عاشت أقسى لحظات حياتها ذات السنين القصيرة التي لا تتجاوز عدد أصابع الأيدي ، وبالرغم من الرعب الذي سيطر عليها إلا أن نباهتها التي كانت حاضرة خلال الحادث وضعت أجوبة للعديد من الأسئلة التي دارت في أذهان إدارة المدرسة .
دخلت الطالبة إلى الغرفة الخاصة بمديرة المدرسة وسردت تفاصيل استدراجها وسرقتها ، كما لم تغب عنها ملامح الشاب ذي البشرة القمحية ووصف سيارته وطبيعة فرش كراسيها .
طلبت المديرة والمدرسة بحضور المشرف من الطالبة اصطحابهم للعمارة التي تم استدراجها إليها، وخلال الطريق تحدثت الطفلة عن بعض الإشارات المتواجدة على العمارة وتميزها عن غيرها ، وهو ذات الشيء الذي رآه طاقم المدرسة التي صاحبها إلى العمارة عندما وصلوا المكان.
السكان أكدوا أنهم لم يشاهدوا أي شخص غريب يتردد على العمارة قبل ذلك ، فعادت المديرة ومن بصحبتها إلى المدرسة لاستدعاء ولي أمر الطالبة الذي أكد "للرسالة" أنه ذهب مرة أخرى للمكان ولم يختلف ما تحدثت به ابنته عما قالته لإدارة المدرسة ، مشيرا إلى أن المدرسة تكفلت بمتابعة القضية مع الجهات الأمنية في محاولة للكشف عن المتهم .
لم تنته فصول القصة المأساوية التي عاشتها الطفلة عند هذا الحد بل امتدت على مدار الأيام التي تبعت الحادثة حيث عانت الطفلة من آثار نفسية سيئة وكان الخوف مسيطراً عليها .
بدأت الطالبة بسرد تفاصيل الحادثة التي وقعت معها على زميلاتها في الفصل مما أنتج حالة من التقمص لدى بعض الطالبات حيث حضر في اليوم التالي ولي أمر الطالبة التي تجلس بجوار الطفلة التي تم استدراجها ، وقد بانت على ملامحه علامات القلق ، طالبا نقل ابنته من المدرسة .
حاولت إدارة المدرسة استيضاح الأمر فتبين أن الطفلة سردت لوالدها ذات الحكاية التي وقعت مع زميلتها ، وهو ما تأكد منه ولي الأمر عندما شدد أذنة المدرسة الذين يحرسون الأبواب الخارجية لها على عدم خروج أي طفلة ، كما أنها التزمت الصمت عند سؤالها عن كيفية استدراجها .
أيام قليلة كانت كفيلة بأن يزول الهاجس التي راود طالبات المدرسة ، إلا أنه لم يزل من عقول إدارتها وولي أمر الطالبة ، الذين أبدوا ارتياحهم فور سماعهم خبر إلقاء القبض على المتهم الذي استدرج ثماني عشرة طفلة فسرق بعضهن وتحرش بأخريات مع أنه اعترف خلال التحقيق بأن قرانه معقود " مكتوب كتابه " ومقبل على الزواج ، وكان يشتري بالأموال التي يبيع بها الحلي هدايا لخطيبته .